الأحد، 8 يوليو 2012

ملف التأمل في أدلة الصوم



أولا : أدلة الصوم من القرآن الكريم




1 - ((
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿
١٨٣
أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ
سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ
ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
))﴿سورة البقرة: الآية ١٨٣, الآية ١٨٤﴾



(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)
-
النداء الحبيب إلى قلوب المؤمنين؛ جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- فقال: "يا أبا عبد الرحمن، اعهد إليّ"، فقال له: "إذا سمعت الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فأعرها سمعك؛ فإنه خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه".
- النداء الذي يعقبه أمر فيه مصلحة للمؤمنين خاصة، ولذلك كثر في المرحلة المدنية لتمييز المؤمنين.




(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام)ُ

( (كُتِبَ عَلَيْكُمُ):حكم شرعي تكليفي مفاده وجوب الصيام على أهل الإيمان،وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(بُنِيَ
الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ
وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ
الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) (متفق عليه)، فذكر منها:
(وَصَوْمِ رَمَضَانَ)

- كتب الله على العباد أنواعًا من العبادات لتفاوت قدرات الناس: فالذي لا يبرز في عبادة يبرز في غيرها، ولذلك فهي أنواع.
فمنها قولية: كاالدعاء والدعوة إلى الله.
ومنها قلبية: كالحب، والتوكل، والخشية، والإخلاص.
ومنها بدنية: كالجهاد، والحج، والصيام.
ومنها مالية: كالزكاة، والصدقات عمومًا.
وكلها تدور على الأمر بالفعل أو الترك، كالصلاة والزكاة والحج، وترك الأكل والشرب والمفطرات في الصيام، وهكذا...




(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام)ُ


"الصيام" من أفضل العبادات
- عن
أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: أَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- غَزْوًا، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ
اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ. قَالَ:
(اللَّهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ)،
فَغَزَوْنَا فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا، ثُمَّ أَنْشَأَ غَزْوًا آخَرَ،
فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي
بِالشَّهَادَةِ. قَالَ:
(اللَّهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ
فَغَزَوْنَا فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا، ثُمَّ أَنْشَأَ غَزْوًا آخَرَ،
فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَيْتُكَ تَتْرَى ثَلاَثاً،
أَسْأَلُكَ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ، فَقُلْتَ:
(اللَّهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ)، فَغَزَوْنَا فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا، فَمُرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ. قَالَ: (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لاَ مِثْلَ لَهُ).
قَالَ: وَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ لاَ يَكَادُ يُرَى فِي بَيْتِهِ
الدُّخَانُ بِالنَّهَارِ، فَإِذَا رُئِيَ الدُّخَانُ بِالنَّهَارِ عَرَفُوا
أَنَّ ضَيْفاً اعْتَرَاهُمْ مِمَّا كَانَ يَصُومُ هُوَ وَأَهْلُهُ


(رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني)




(كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)
-
(كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ): تنشيط للأمة لتنافس غيرها، وكذلك تسهيلاً للعبادة؛ إذ الأمور الشاقَّة إذا عمت سهل عملها،قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)



رواه مسلم

- كان الصيام في الأمم قبلنا على نحو صيامنا، بخلاف ما ابتدعه أهل الكتاب من الصيام الحالي عندهم،

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(إِنَّ
اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ
بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنَّهُ
كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا، فَقَالَ عِيسَى: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ
بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ
يَعْمَلُوا بِهَا، فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنَا آمُرُهُمْ.
فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ
أُعَذَّبَ، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَامْتَلأَ
الْمَسْجِدُ، وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ
أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ
تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ
تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ
رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ،
فَقَالَ: هَذِهِ دَارِى وَهَذَا عَمَلِي، فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَىَّ،
فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى
أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ،
فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلاَ تَلْتَفِتُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ
وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ،
وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ؛ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي
عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ
يُعْجِبُهُ رِيحُهَا، وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ
مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ)

(رواه الترمذي، وصححه الألباني)

-
وعن
ابن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: بَلَغَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه
وسلم- أَنِّي أَصُومُ أَسْرُدُ وَأُصَلِّى اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ
إِلَىَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ: (أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ
وَلاَ تُفْطِرُ، وَتُصَلِّى اللَّيْلَ، فَلاَ تَفْعَلْ؛ فَإِنَّ لِعَيْنِكَ
حَظًّا، وَلِنَفْسِكَ حَظًّا، وَلأَهْلِكَ حَظًّا. فَصُمْ وَأَفْطِرْ،
وَصَلِّ وَنَمْ، وَصُمْ مِنْ كُلِّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا وَلَكَ
أَجْرُ تِسْعَةٍ)، قَالَ: "إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ يَا
نَبِىَّ اللَّهِ"، قَالَ: (فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-)،
قَالَ: "وَكَيْفَ كَانَ دَاوُدُ يَصُومُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ؟"، قَالَ:
(كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلا يَفِرُّ إِذَا لاَقَى)




لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
)
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ): إتقان الظاهر مع الباطن يجلب التقوى؛ إذ الغرض من الأعمال الظاهرة زيادة الإيمان في الباطن.
الذي يترك المباح امتثالاً لأمر الله أسهل عليه ترك الحرام إذا أمر بذلك؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ
الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشَّرْبِ فَقَطْ؛ إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ
اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ
فَقَلْ: إِنِّي صَائِمٌ)


(رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وحسنه الألباني)،




وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ)

(رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني)







{ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا}




للمريض أحوال:




الحالة الأولى : أن لا يستطيع الصوم، فهذا يجب عليه الفطر




الحالة الثانية : أن يستطيع لكن بمشقة، فهذا يستحب له الفطر




الحالة الثالثة : أن
يكون مريضاً، ويصدق عليه اسم المريض، لكن لا يشق عليه الصوم، فهذا له
الرخصة في الفطر للإذن بالفطر بالمرض، ولم يفرق الشرع بين مرض ومرض، كما لم
يفرق بين سفر وسفر، وعلى ذلك فكل ما صح أن يطلق عليه مرض فيجوز الفطر
لأجله، وهذا هو مذهب عطاء ومحمد بن سيرين والبخاري وإليه مال القرطبي صاحب
التفسير.




(( أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ ))




ليس
للسفر مسافة محددة، وأقل ما ورد في الأثر تسميته سفرا بريد عند مسلم،
والراجح أن السفر إنما يكون سفرا يصح به قصر الصلاة والفطر في رمضان بثلاثة
أمور
:




الاول: النية، فمن خرج عن المدينة وسار لا يقصد سفرا فليس بمسافر حتى ولو قطع مئات الأميال




الثاني: أن يخرج عن البنيان حتى يباعدها




الثالث: أن يعد خروجه عن المدينة في عرف الناس سفرا، فالعرف هنا معتبر شرعا




فإذا تحققت هذه الشروط فيجوز للمسافر أن يقصر الصلاة وأن يفطر رمضان




لكن متى يفطر من أراد السفر؟.
اختلف العلماء في ذلك،
فذهب أنس بن مالك وأبو سعيد الخدري والحسن البصري إلى جواز الفطر قبل
الخروج من المدينة، ولو كان في البيت، ما دام قد عزم على السفر
.
وذهب الإمام أحمد إلى تأخير الفطر حتى يبرز عن البيوت ويخرج عن المدينة،
وذلك أنه ربما يعرض له شيء يمنعه من السفر، فلو كان أفطر قبل أن يخرج لفسد
صومه ولزمه القضاء، ومذهب الإمام أحمد أسلم، وإن كان مذهب الصحابة أولى.
ولا يقال الصوم في السفر أفضل من الفطر أو العكس هكذا بإطلاق، بل فيه
تفصيل، فإن كان يشق عليه الصوم فالفطر أفضل، وإن كان لا يشق عليه فالصوم
أفضل، ولا ينكر على الصائم ولا على المفطر، قال أنس:
(
سافرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم) متفق عليه


((
فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ ))

أي
من مرض أو سافر فأفطر فعليه القضاء أياما أخر تعدل ما فطر، وهو مخير في
وقت قضائها، فلا يجب متتابعا ولا في زمن معين، بل هو واجب موسع على التخيير
يجوز مفرقا،

قال ابن عباس لمن سأله عن قضاء رمضان
:
"صمه كيف شئت".
والقرآن لم يحدد القضاء بزمن ولا أمر بتتابع القضاء، قالت عائشة:
"
يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان الشغل من رسول الله صلى الله عليه وسلم " متفق عليه.
فإن أدركه رمضان الآخر ولم يقض رمضان الأول فلا يخلو إما أن يكون صحيحا أو مريضا
فإن كان صحيحا فعليه القضاء والإطعام عن كل يوم مسكينا..
وإن كان مريضا فليس عليه إلا الإطعام كما قضى بذلك الصحابة..
وروي عن أبي هريرة أنه قال:
" إذا لم يصح بين الرمضانين صام عن هذا وأطعم عن الثاني ولا قضاءعليه" إسناده صحيح.
وجاء
رجل إلى ابن عباس فقال: مرضت رمضانين؟، فقال له: استمر بك مرضك أو صححت
بينهما؟، فقال: بل صححت، قال: صم رمضانين، وأطعم ستين مسكينا
..
وهذا يدل على أنه لو تمادى به المرض لا قضاء عليه، وهذا مذهبه في الحامل والمرضع أنهما يطعمان ولا قضاء عليهما..
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المريض إذا لم يقض حتى أدركه رمضان الآخر أن عليه القضاء.

والجمهور على أن:
من أفطر في رمضان لعلة فمات من علته ذلك، أو سافر فمات في سفره ذلك أنه لا شيء عليه..
وأما
إن مات وعليه صوم رمضان لم يقضه، فالمختار من الأقوال في القضاء عن الميت
أنه لا يقضى عنه إلا النذر في الصوم، لأن الأحاديث المبيحة للنيابة في
الصوم مفسرة بما كان نذرا
..
وأما
الفرض فلا يصوم أحد عن أحد، لأنها فريضة، والعبد إذا فعل ما بوسعه فلم
يتمكن من الإتمام أو القيام بالصوم لعلة فمات فلا يؤاخذ بذلك، ولا يلزم
وليه بالقيام عنه بالعبادة، لأنه لم يكن مفرطا، وهذا بخلاف الناذر، فإن
الله تعالى لم يفرض عليه نذرا، لكنه هو الذي أوجب على نفسه فوجب عليه
القضاء حيا بنفسه أو ميتا بوليه، يدل على ذلك تشبيه قضاء النذر بقضاء
الدين، كما في حديث ابن عباس
:
جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن أمي قد ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟، قال:
(أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها؟، قالت: نعم، فصومي عن أمك)رواه مسلم

فالدين
ليس فريضة لكن العبد هو الذي يلزم نفسه به إذا استدان من أحد، فيجب عليه
القضاء، ويبقى دينا في عنقه حتى بعد مماته، ولذا كان لوليه أن يقضي عنه
إحسانا إليه، لأن الميت مؤاخذ به، وكذا النذر، فالناذر مؤاخذ به لأنه ألزم
نفسه به، وهذا بخلاف صيام الفرض إذا مات الإنسان وعليه أيام لم يقضها وهو
غير مفرط، وتخصيص قضاء الصوم بصيام النذر قول أحمد وإسحاق وأبي ثور والليث
وأبي عبيد
.
 


2_ قوله:
(( وَعَلَى
الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ
خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن
كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
))

ينحصر الكلام هنا في عود الضمير في ((يطيقونه))

إما أن يعود إلى الصيام، وإما أن يعود إلى الفدية..


فإن عاد على الصيام فالمعنى
:
وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا أن يطعموا.. فيكون في الآية حذف، ويفهم من ذلك أن من لا يطيق الصوم إذا أفطر أنه لا إطعام عليه..

وأما إن عاد على الفدية فالمعنى
:
من
كان يطيق الفدية فله ترك الصوم والتعوض بالفدية، وهكذا كان الأمر في أول
ما شرع الصوم، كان على التخيير، من أراد صام، ومن أراد أطعم، ثم رغب في
الصوم بقوله
: { وأن تصوموا خير لكم}،ثم نسخ الحكم بقوله: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه
فزالت هذه الرخصة إلا عن العجزة كالشيخ الكبير والمرأة الكبيرة والحامل
والمرضع إذا خافتا على أولادهما أن يفطرا ويطعما، هكذا قال ابن عباس، وفسر
قوله
: { يطيقونه}، بيطوقونه،
أي يتكلفونه بمشقة، فإن صاموا أجزأهم، وإن افتدوا فلهم ذلك، وذهب غيره من
العلماء إلى أن المرضع والحامل إذا خافتا على أولادهما أن يفطرا ويطعما
ويقضيا
..
ومقدار الإطعام نصف صاع من قوت البلد، عن كل يوم مسكينا.


3_
((
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ
وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ
وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا
اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٨٥﴾ سورة
البقرة))


قوله
(( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ...))
أي
من شهد رمضان عاقلا بالغا صحيحا مقيما فليصمه، فإن أسلم الكافر أو بلغ
الصبي قبل الفجر لزمهما الصوم، وإن كان بعد الفجر استحب لهما الامساك ذلك
اليوم، وليس عليهما قضاء الماضي من الشهر ولا اليوم الذي بلغ فيه الصبي أو
أسلم الكافر
.
ذهب مطرف بن عبد الله وابن قتيبة إلى جواز التعويل على الحساب في صوم رمضان، وذهب الجمهور إلى منع ذلك، واستدلوا بحديث: ( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته)،
فعلق الصوم بالرؤية لا بالحساب، وقد كان الحساب موجودا في ذلك العهد،
فإهماله وعدم الاعتداد به يدل على عدم مشروعية الاعتماد عليه، وقد روى نافع
عن مالك في الإمام الذي لا يصوم لرؤية الهلال ولا يفطر لرؤيته، وإنما يصوم
ويفطر بالحساب: أنه لا يقتدى به ولا يتبع، قال ابن العربي
:
" وقد زل بعض أصحابنا فحكى عن الشافعي أنه قال: يعول على الحساب، وهي عثرة "لا لعاً لها".
والبلدان
تتباعد وتتقارب، والمطالع تختلف تبعا لذلك، فإن تقاربت البلدان فيجوز لأهل
بلد أن يأخذوا برؤية أهل البلدان القريبة، وإن تباعدت فلكل أهل بلد
رؤيتهم، روي ذلك عن ابن عباس وعكرمة والقاسم وسالم وإسحاق وإليه أشار
البخاري: "
لأهل كل بلد رؤيتهم
وحكى ابن عبد البر الإجماع على ذلك، إلا في حالة ما إذا كان الإمام لكل
تلك البلدان واحد، كما كان في عهد الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية
البلاد ممتدة شرقا وغربا والبلدان متباعدة، فأمرهم أن يأخذوا برؤية أهل بلد
واحد فلا تجوز مخالفته
.
 
4_ ((
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ
لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّـهُ أَنَّكُمْ
كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ
فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى
اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ
تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّـهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿سورة البقرة:
الآية١٨٧﴾))


قوله:
(( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ ...))
كان محرما عليهم الجماع والطعام لمن نام قبل أن يأكل في ليله حتى مغرب اليوم التالي قال البراء:
" كان
أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل
أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان
صائما، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها:
أعندك
طعام؟، قالت: لا، ولكن أنطلق فاطلب لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه،
فجاءته امرأته فلما رأته قالت: خيبة لك، فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر
ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية"

رواه البخاري
..
ونزلت: (( وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى
اللَّيْلِ ۚ
))، والتبين هنا معناه التوثق والتأكد، وعلى ذلك فيجوز للإنسان أن يأكل ما دام يظن الليل باقيا، حتى إذا تيقن بزوغ الفجر حرم عليه..
وهناك
مذهب ثان في المسألة أن الإمساك لا يجب إلا إذا انتشر الفجر في الطرقات
والبيوت، روي ذلك عن أبي بكر وعمر وابن عباس وحذيفة وطلق بن علي وعطاء
والأعمش أن الإمساك يجب بتبين الفجر في الطرق وعلى رؤوس الجبال
..
ولعل
مما يضعف هذا القول أن تبييت النية بالصيام إنما يكون قبل الفجر، ولو كان
الإمساك لا يجب إلا بعد انتشار الفجر لكان القول بجواز عقد النية بالصوم
بعد طلوع الفجر حريا بالقبول، ولا قائل به، والذي يبدو أن الصحابة قصدوا
التيقن كذلك، ورأوا أدل دليل على طلوع الفجر وثبوته انتشار ضوئه، ومن ثم
حكموا بأنه وقت الإمساك، وإلا لو تيقن الإنسان بطلوع الفجر ولو لم ير
انتشاره كمثل أن يخبره صادق بذلك أو يكون في البر فيرى بياض الليل فيجب
عليه الإمساك للآية
:
((وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى
اللَّيْلِ ۚ
)).

ويجب
على الصائم أن يجتنب في صومه الطعام والشراب والجماع، فهذه مفطرات، وكل له
حكمه، أما مقدمات الجماع كالقبلة والمباشرة واللمس فليس فيها بأس لمن أمن
على نفسه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم كما روى البخاري
عن عائشة، لكن إن قبل أو لمس أو نظر فأمنى فعليه القضاء، وإن أمذى ففيه
خلاف، فابن عبد البر لا يرى عليه شيء، وأحمد يرى عليه القضاء، وإن جامع
فعليه عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فيطعم ستين
مسكينا
..
ونهاية الصوم يكون اغروب الشمس، ولا يجوز تأخير الفطر إلى ما بعد الغروب فإن من فعل ذلكشابه اليهود، قال عليه الصلاة والسلام:
(لاتزال أمتي بخير ما لم تنتظر بفطرها النجوم)



ثانياً : أدلة الصيام من الأحاديث القدسية
"
قَالَ اللهُ في حديثه القدسي: ((كُلُ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا
الصِيَامَ فَإِنَهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِيَامُ جُنَّةٌ،
وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ،
فإِنْ سَابَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِي امْرُؤٌ صَائِمٌ،
وَالَذِي نَفْسُ مُحَمَدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَائِمِ أَطْيَبُ
عِنْدَ اللَّه مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَائِمِ فَرْحَتَانِ
يَفْرَحُهُمَا، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَهُ فَرِحَ
بِصَوْمِهِ."
))
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1904
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

وقفة :

لمذا
اختار الله عز وجل الصيام بالتحديد ...لان الصوم لا يقع فيه رياء كما يقع
في غيره .....قال القرطبي: لما كانت الاعمال يدخلها الرياء ، والصوم لا
يطلع عليه بمجرد فعله الا الله ، فأضافه لنفسه


وقال
الله عز وجل في حديثه القدسي((كُلُ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ،
الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ
عَزَّ وَجَلَّ: إِلا الصَوم، فَإِنهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ
شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ
عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ
أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.))

الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1151
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وقفة :
كم
يشتهي الانسان في هذا الزمان وسط الحزن والنكد ، والهم والالم فرحه تسعد
قلبه ، وينشرح لها صدره ، فاذا به عند الافطار يجد فرحه عظيمه بثها الله في
قلبه ، فاما فرحه اصائم عند فطره ، فان النفوس مبوله على الميل الى ما
يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فاذا منعت من ذلك في وقت من الاوقات ، ثم
ابيح لها في وقت اخر ؛ خصوصا عندد اشتداد الحاجه اليه ؛ فان النفس تفرح
بهذا طبعا....اما فرحته عند لقاء ربه فبما يجده عند الله من ثواب الصيام
مدخرا ..فيجده أحوج ما كان إليه.



وأخيرا
قال تعالى في حديثه (("الصِيَامُ جُنَّةٌ، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ،
وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِي صَائِمٌ
مَرَتَيْنِ، وَالَذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَائِمِ أَطْيَبُ
عِنْدَ اللَّه تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ
وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي
بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.))

الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1894
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


وقفة
:وإنما كان الصوم جنة لأنه إمساك عن الشهوات والنار محفوفة بالشهوات. قال ابن الأثير: معنى كونه جنة أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات


ثالثاً : أدلة الصيام من الأحاديث النبوية

((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))

الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 992
خلاصة حكم المحدث: صحيح

((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))


((من قام ليله القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) الراوي: أبو هريرة المحدث:
الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 5042
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وقفة :خذي هذه الغنيمة البادرة ثلاث فرص في شهر لمغفرة ما تقدم من ذنبك ....ثلاث فرص لتتطري ماضيك وتبدأي صفحة جديدة على البياض



((إذا
كانت أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار
فلم يفتح منها باب وينادي مناد : يا باغي الخبر اقبل ويا باغي الشر اقصر
ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة))

الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1339
خلاصة حكم المحدث: صحيح

وقفة :

من أرادت الطاعة في هذا الشهر الكريم فسبيلها ميسور، فاقبلي بكل
عزيمتك...بادر بكل أشواقك....ومن أرادت معصية الله في هذا الشهر نودي : كف
عن عصيانك واحذر



وقال رسول الله صلى عليه وسلم (( ثلاث لا ترد دعوتهم ))...وذكر منهم ((الصائم حتى يفطر))
الراوي: أبو هريرة المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 15/189
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح


وقفة :
مسموح لك في ثلاثين حاجة، سبحان الله ! كم يشتهي الإنسان أشياء تقضى بدعوة
عند الإفطار لأن قبل الإفطار في آخر النهار يكون الإنسان في أحسن حالات
استشعار الإنكسار ، واظهر الإفتقار، ومد يد الضراعة ، وبظهور الذل والحاجة
،يستجيب الله دعاء الصائم المسكين



((الصيام
والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب منعته الطعام
والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القران : أي رب منعته النوم بالليل
فشفعني فيه ؛ فيشفعان))

الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 5203
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وقفة :
يحتاج
الإنسان يوم القيامة إلى وكيل يدافع عنه ، وشفيع يشفع له في مدلهمات هذا
اليوم العظيم ، فإذا وجد الشفيع المشفع كانت قمة السعادة ، فاحرصي أن يعرفك
الصيام ويعرفك رمضان ، ويعرفك القرآن ، ويعرفك الرسول صلى الله عليه وسلم
فيجتمع لك الشفعاء ، فتكون النجاة بفضل الله.


رابعاً : أحـاديـثٌ مـعـلـولـةٌ في الـصـيـامِ

1 - مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ .
أخرجه البخاري في صحيحه معلقا ، كتاب الصوم ، باب إذا جامع في رمضان (4/194) .
وذكره البخاري بصيغة التمريض فقال : ويُذكر عن أبي هريرة رفعه : …فذكره .

ووصله أبوداود (2396) ، والترمذي (723) ، وابن ماجة (1672) ، وابن
خزيمة في صحيحه (3/238رقم1988) ، وأحمد (2/376) من طريق سفيان الثوري وشعبة
كلاهما عن حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن أبي المطوس عن أبيه عن
أبي هريرة .

قال الترمذي : حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وسمعت محمدا
يقول : أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث .ا.هـ.

وقال ابن خزيمة في صحيحه (3/238رقم1988) : إن صح الخبر ، فإني لا أعرف ابن المطوس ، ولا أباه .ا.هـ.

وقال ابن عبدالبر في التمهيد (7/173) : وهو حديث ضعيف ، لا يحتج بمثله .ا.هـ.

وقال ابن القيم في تهذيب السنن (حاشية عون المعبود 7/28) : وقال
الدارقطني : ليس في رواته مجروح ، وهذه العبارة لا تنفي أن يكون فيهم مجهول
، لا يعرف بجرح ولا عدالة .

ويقال في هذا ثلاثة أقوال : أبو المطوس ، وابن المطوس ، والمطوس تفرد
بهذا الحديث قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من الروايات
.ا.هـ.

وقال الحافظ ابن حجر في التغليق (3/171) والفتح (4/191) : وقال البخاري
في التاريخ : تفرد أبو المطوس بهذا الحديث ، ولا أدري سمع أبوه من أبي
هريرة أم لا .

قلت : واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت اختلافا كثيرا فحصلت فيه ثلاث
علل : الاضطراب والجهل بحال أبي المطوس والشك في سماع أبيه من أبي هريرة ،
وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء .ا.هـ.

وقال الألباني في تمام المنة (ص396) : الحديث ضعيف ، وقد أشار لذلك
البخاري بقوله : " ويذكر " ، وضعفه ابن خزيمة في صحيحه والمنذري والبغوي
والقرطبي والذهبي والدميري فيما نقله المناوي .ا.هـ.

وقال في الضعيفة (2/283) : فضعفه البخاري وغيره بجهالة أبي المطوس .ا.هـ.

وبهذا يظهر من مجموع كلام أهل العلم ضعف الحديث ، بل قال كثير من
العلماء أن من أفطر يوما من رمضان متعمدا فإنه يقضي يوما مكانه ، ولم يقل
بما دل عليه الحديث إلا ابن مسعود كما قال البخاري في الموضع الآنف الذكر
بعد حديث أبي هريرة : وبه قال ابن مسعود .

وقد ذكر البخاري أيضا من ذهب إلى أنه يقضي يوما مكانه فقال : وقال سعيد
بن المسيب والشعبي وابن جبير وإبراهيم وقتادة وحماد : يقضي يوما مكانه .

والآثار التي ذكرها البخاري عن هؤلاء ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح من وصلها ، وكلها تقريبا تصرح بقضاء ذلك اليوم مع الاستغفار .

بل قال الإمام البغوي في شرح السنة (6/290) : فالعلماء مجمعون على أنه يقضي يوما مكانه .ا.هـ.

وقال العظيم آبادي في عون المعبود (7/29) : والذي عليه أكثر السلف أنه
يجزئه يوم بدل يوم وإن كان ما أفطره في غاية الطول والحر وما صامه في غاية
القصر والبرد .ا.هـ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق